مقتطفات من توقيع الرواية
مداخلات المنتدين
image

وسام طي أبو ضرغم

باحث و محاضر
"وادي المسك" ليست حكاية عابرة، بل رحلة رمزية متعدّدة المستويات، فيها تتجلّى النفس البشرية، وتتجلّى فيها: الهوية والانتماء، النور والظلمة، الذات والجماعة، الحريّة والمسؤولية، السلطة والمعرفة... لذا لم تكن الثقافة منفصلة عن المقدّس، بل كانت امتدادًا له ... هكذا أقرأُ "وادي المسك"، وهكذا أُحاورُ المستقبل من خِلالها.
image

مازن فرج

طبيب وباحث
رواية غنيّة بالمعاني والرموز، أطلّتْ علينا من حيث لا نحتسب، كعلامة فارقة في زمن تشظّي النفس الإنسانية وتمزّق القيم، لتذكّرنا بالحقّ والخير والجمال وترتفع بنا نحو جوّ عرفاني هادئ... رحلة فيها كسر لعقائد جامدة، وفيها ألم يطال الجسد والنفس في آن. هدهد الزمان حاضرٌ أبداً بصمتٍ وخفاءٍ يعرف الكائنات واحداً واحداً، وكأنه البطل الحقيقي المعنوي للرواية "يبحث عن محبيه الذين يبحثون عنه"، رحلة أيام ثلاثة تختزل عمر الكون ونضال الإنسان المعاصر لأجل الحرية الحقيقية... وهكذا، تتوالى سطور الرواية، يخطّها قلمٌ يستمدّ حبره من قلب كاتب اتخذ وادي المسك لروحه وطناً.
image

ليلى زيدان

استاذة مادة الفلسفة وباحثة
رواية تنتمي إلى الأدب الفلسفيّ العرفانيّ الوجوديّ، هي توقٌ إلى تحقيق ولادةٍ روحيّة، نعثر فيها على تحليلات وجوديّة عميقة لمفهوم الصحبة عند أرسطو وشروط تحقيقها، والبحث في مفهوم السعادة الأزليّة. السرد يتّسم أحيانًا بالكثافة الفكرية، لكنه لا يُغرق في التنظير، بل يظلّ محتفظًا بحرارته الإنسانيّة، ومصداقيّته الشعوريّة. وهذا نادرٌ في الروايات العربيّة المعاصرة...المكان شخصية قائمة بذته، يحمل رمزية المسك المرتبطة بالذكرى والهوية... ويلوح لنا أنّ كهف أفلاطون هو البطل الحقيقي للرواية في تجربة أدبيّة فلسفيّة آسرة.
image

رنا قائد بيه

مديرة تحرير مجلة الأبحاث في الجامعة الأميركية- بيروت
رواية تدعونا للعبور إلى عالمٍ موازٍ، وتكشف التشفيرَ الروحيَّ لتلاقيَ المادّيَّ بالعقليّ، والتاريخَ بالأسطورة. وكم استشعرت وعايشت نضالَ الفراشةِ المكبَّلةِ من أجل حريّتها، في فصل "زارا والملك"، وكأن خلاصي في خلاصها... لم أستطع مرّة أن أقف مع وادي المسك موقفَ القارئِ المحايد، فأنا أتمثّل شخصيّاتها، وأظنّني بطلتها... مع إقراري بأن بطلها الحقيقيّ هو قالبها الأدبيّ الفوّاح بتطويع اللغة، وصياغة المحاورات. فالنصّ يُجسّر العلاقة بين أسفارنا القديمة وبين فهمنا لها... وبعض المدهش في الرواية، فهو إتقان حياكة التفاصيل، التي أعادت قولبة تراثنا بلغةٍ تُخاطب زماننا.

فادي الحسنيه

دكتوراه في العلوم السياسية
تسرد الرواية أحوال الفراشة "زارا"، التي خاضت رحلةً روحيّةً عميقةً، وتجارب وتحولات داخلية، وحوارات مع كائنات رمزية كاليراعات والنمل، تناولت فيها مفاهيم متعدّدة كالحرية، الصحبة، النور، والانتماء والتَّصديق بِنهج الأوَّلين. واجهت زارا صراعات داخل مجتمع الفراشات، تعود إلى الانقسام حول قيم الماضي، وناقشت أفكارًا مع شخصيتين رمزيتين: "سمندل"، الذي يرى في السياسة فنًّا للممكن، و"غلاسيا"، التي ترى في التحرر الداخلي السبيل الحقيقي. باختصار، تنتقد الرواية سعي الجماعة إلى السلطة، وتُبرز أهمية السيادة على النفس بدلاً من التنافس على المراكز الزائفة. كما تؤكّد، أن الرحلة نحو الحقيقة لا يُنجزها الفرد مستقلًّا، بل عليه أن يستنهض الصَفوة من صَحْبِهِ ليهمّوا متّحدين، يدًا واحدةً وكلمةً جامعةً نحو هذه الحقيقة. في نهاية الرواية، يتبيّن أن "وادي المسك" ليس مكانًا جغرافيًا، بل رمزًا للنقاء والصفاء والطهر والعفاف، يُدركه فقط من يتحرّر من الأنا ويتصل بالنور.
image

حسان زين الدين

مؤلف الرواية
أشكر من أعماقي حضوركم، قلبًا قلبًا، لقد باركتم بمؤازرتكم، هذه المناسبة... وقد أفاض الإخوة المنتدون، بما فاح من مرايا قلوبهم وذوقهم. التي أعتبرها، والشهادات المسجّلة والمكتوبة، خارطة طريقٍ يُعبر من خلالها بسلاسة إلى الرواية.
والفضل في إنجاز هذا العمل يعود إلى روح الجماعة، المؤمنة بأن نكون طليعيّين ومشاركين في البصمات الإبداعيّة الأصيلة، التي بها وحدها يمكن أن نورّث لأجيالنا المقبلة، تصوّرًا قابلًا للحياة، يعبّر عن قيمنا نحن، ويثبت هويتنا بين أبنائنا، فالسطحية لا تبني فكرًا يورّث...
ويبقى الأمر الأخير، وهو قصّتي مع "وادي المسك"...
image

عن الرواية

وادي المسك
"زارا" فراشة من فصيل شرقي نادر خرجت من شرنقتها داخل محمية ااحياة البرّية في سويسرا، وخضعت لاختبارات جينيّة هدفت لتحديد أصولها. ولهذه الغاية، جَالَ بها حول العالم، باحث في علم الحشرات، إلى أن أطلق جناحها في الشرق الأوسط لدوافع، هي ونحن نجهلها. بعد تعرّفها على واقع حياة الفراش وانتظامه في جماعات، سمعت زارا عن حكايا الإحتراق بالنور، وعن تأهيل الذات تحضيرًا للتوجّه إلى قمم الجبال أسرابًا لعلَّها تحظى بمُشاهدة "أنيمَا"((Anima ذاك اللهيب الغامض الذي يُشبِه "شكل" فراشة؛ وتعتقد الفراشات أنّ هذا المشابِه لفراشة يحضر ببهَاء سِحرِه عليها في "ليالي عيد الظهور". وحين تُقَرِرُ زارا خوض غمار هذه الرحلة الروحية يستجِدّ في داخلها حنين البحث عن جذورها التي تعود إلى وادٍ اشتهرَ قديمًا بـِ"وادي المسك". الحوارات تعالج قضايا معاصرة واسئلة وجودية بمقاربة منفتحة على مستوى آخر من الوعي، ابطالها الفراشات واليراعات واليعاسيب والنمل، ويشهد قرّاء "وادي المسك" انسكاب أحوالهم بمرآة فراشة تشاركهم رحلة البحث عن الذات، وانعكاس الصراع بين الحريّة وبين وحشة العبودية لعصر نعيش فيه، ترتكز قيمه على الخضوع ىللتطور التقني ولأحكام الذكاء الاصطناعي، لِمَا يستبيح عالَمَي الفكر والروح والواقع الراهن مِن طَفرات، وتعميم للتفاهة. نتسللُ، نحنُ الناس، إلى بعض الفصول، من خلال شخصيتين آدم غاليلي الباحث العلمي ووالده غابريال استاذ الفلسفة في جامعة بولونيا/ إيطاليا، وبينهما تتوالد أفكار فلسفية ـ عرفانية من جهة الأب، وعلمية ـ تطبيقية من جهة الابن، إلى أن يُقَرر آدم تغيير قواعد اللعبة
image

شكر وتقدير

"أتقدّم بخالص الامتنان من مجموعة أصدقاء أصحاب فضل واختصاص اعتزّ بروحية خدمتهم، وأعتبرهم شركاء أصيلين في هذا العمل، لبالغ أثر ملاحظاتهم الجوهرية، ومساندنهم، ومتابعتهم الدؤوبة، في إظهار هذه الرواية بشكلٍ جميلٍ ومتنٍ رصينٍ يليق بقرّاء هذا النوع من الأدب. وإذ أقِفُ احترامًا أمام مساهمةكلٌ منهم، أجدُ نفسي مرغمًا على "العدل في السوية" إذعانًا لرغبة بعضهم بعدم ذكره بالإسم. أما في الجانب الفنّي والتقني، فخالص الشكر للأستاذ الصديق نزار ابو حمدان الذي وضع من روحه وذائقته هذا التصميم الرائع للغلاف، وللاستاذة ستيفاني طنوس على جهدها في الاخراج الفني للغلاف، وللأستاذ عماد المهتار صاحب دار الأنام الذي تابع طباعة الكتاب. ولا بد من شكر الاستاذة الصديقة وسام سري الدين على ملاحظات لغوية لها قبل ثلاث سنوات على مسودّة من العمل نفسه كانت "متواضعة" المبنى والمعنى في حينه، ولمساهمة الطبيب الصديق د. مازن فرج في تصويب بعض التراكيب الأساسية ومناقشة محاور مختلفة من الرواية، ويبقى الشكر موصول للأحبة أسرة "سما ـ سلسلة مبادرات إنسانية". وإن كان تقدير جميع تلك الجهود جاء من باب الصدق في الإخلاص، لا الواجب فقط. فإن الصدق عينه يقتضي تذكُر مَن أيقظ ذاتي مرّة، وأيقظ فيها حبّ الجمال وشذّبَ في نفسي متعة السفر في معراج الحقيقة والعرفان، المربي الراحل الدكتور سامي مكارم
المؤلف
image

عن الكاتب

حسان زين الدين
حسان شامل زين الدين، من بلدة بطمة الشوف ـ لبنان. حائز على دكتوراه في التاريخ وشهادة كفاءة في التربية المدنية وإجازة في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية، باحث و محاضر جامعي، عمل في حقلي الإعلام والتربية. [email protected] صدر له : - علق على نسمة..مناجاة (نص أدبي مفتوح على السيرة والشعر والفلسفة والعرفان)، دار صادر، بيروت، 2009. - سامي مكارم بأقلام عارفيه، (مع مجموعة مؤلفين)، 2013. - إضاءة على رقمنة المصادر المرجعية في المنهجية العلمية التاريخية، (الدولة الفاطمية نموذجًا)، قيد الطبع.
مقتطفات
أراء النقاد
image

مارلين كنعان

استاذة الفلسفة والحضارات في جامعة البلمند، باحثة وكاتبة صحفية
قفي شكل من أشكال الإسقاط، يختزل حسّان زين الدين في صورة الفراشات أحوال النفس الإنسانية التي يزخرفها بخطوط المجاز مستعيناً في سرديته بأقصى قدرات اللغة على التكثيف والاختزال. فيصور من خلال حوارات زارا المنتمية فصيلتها إلى وادي المسك مع اليعسوب دراغونيا والفراشات ليلى وريشا وسمندل ونورا وغلاسيا والهدهد وغيرها رؤيته للمصير والعالم، متجاوزاً شفافية العبارة بعمق الإشارة فاتحاً باب التأويل، مما يمنح روايته جمالية خاصة تجمع بين أناقة المبنى وعمق المعنى.
image

عيسى مخلوف

شاعر وناقد أدبي وكاتب صحفي
يتوقّف حسّان زين الدين، في روايته "وادي المِسك" (دار الأنام)، عند البحث عن الذات والصراع الدائم بين التمسّك بالفرديّة والانحلال في الكون، بين الحرّية والعبوديّة. العبوديّة التي تتّخذ أشكالاً جديدة لم تعرفها البشرية طوال ألوف السنين، وهي تُواكب التقدّم العلمي الهائل الذي تتغيّر معه، أكثر فأكثر، خريطة الحياة على الأرض.
image

سامح الزهار

أكاديمي و باحث في التراث و مؤرخ و روائي
وصل اليوم من بيروت إلى مكتبنا هذه النسخة الغالية من الرواية البديعة (وادي المسك) الصادرة عن دار الأنام للطباعة والنشر (2024) للكاتب والأكاديمي والروائي اللبناني المرموق الدكتور حسان زين الدين، وهي عمل موسوعي تدور أحداثه بالقاهرة التاريخية وتقدم مزيجًا رائعًا بين الواقع والسريالية، وقد ازدانت الهدية بهديتين هما إهداء بليغ، ورسالة خطية رقيقة ممهورة بتوقيعه الأنيق.. محبة كبيرة لجمهرة كُتاب لبنان وتقديرهم الدائم لقاهرتنا العامرة

  أراء النقاد

الأراء الواردة تُعبّر عن قراءة صاحب التعليق للرواية      

عيسى مخلوف

شاعر وناقد أدبي       

يتوقّف حسّان زين الدين، في روايته "وادي المِسك" (دار الأنام)، عند البحث عن الذات والصراع الدائم بين التمسّك بالفرديّة والانحلال في الكون، بين الحرّية والعبوديّة. العبوديّة التي تتّخذ أشكالاً جديدة لم تعرفها البشرية طوال ألوف السنين، وهي تُواكب التقدّم العلمي الهائل الذي تتغيّر معه، أكثر فأكثر، خريطة الحياة على الأرض. شخصيّات هذه الرواية المتّكئة على خلفية علمية وفلسفية هي فراشات ويراعات ويعاسيب، يتحرّك بينها شخصان كأنّهما عينُ الرواي التي تتأمّل في المصير والعالم. يستهلّ الكاتب روايته بالسؤال الآتي: "ما الشغف الذي يُحَرّك فراشة لتُلقي نفسها في أعماق النار المتّقدة؟" إنه التوق إلى "الالتحام بالنار على أمل خروجها بصحبة النور متجاوزةً حدّ الاحتراق باللهب". في هذا السياق، يتّضح مسعى الفراشة إلى استكشاف ذاتها من خلال التوجّه نحو القمم العالية تلبيةً لنداء غامض، لعلّ النور يوقظها فتصبح حاضرة في "روح الكلّ". أحالتني قراءة هذا الكتاب إلى طيور فريد الدين العطّار التي انطلقت هي أيضا في رحلة روحيّة طويلة صارت مرادفاً لوجودها. كانت تسافر بحثاً عن السيمورغ، وسرعان ما اكتشفت أنّه موجود في كلّ واحد منها. هكذا استدلّت الفراشات في الرواية على صوت يختلج في داخلها ويدعوها إلى تسليم جناحيها للريح والتمعُّن في أوراق الشجر لترى كيف ترتفع في الهواء. هذه الدعوة إلى التماهي مع الطبيعة لا تخلو من مجازفة، لكنّها المجازفة التي أشار إليها النفّري حين قال "إنّها جزءٌ من النجاة". البحث عن الذات الإنسانيّة هنا هو، على نحو ما، بحث عن المستحيل، لأنه يذهب أبعد من منطق الثنائيات ليُظهر لنا كيف تتّحد الفراشة بالمُطلَق بعد أن يحترق جناحاها وتصير عُصارةَ قلب ينبض فحسب، كإيكاروس الذي اقترب من الشمس وذابَ شمعُ جناحيه وَفقَ الأسطورة الإغريقيّة. تحيل الرحلة في عالم الفراشات إلى البشر وتطلّعاتهم وهمومهم، وإلى الخطر المحدّق في وجودهم بمقدار ما يزداد التقدّم العلمي والتكنولوجي، لأنّ المستفيد الأول من هذا التقدّم هو السلطة السياسية، وسلطة الحروب والأسلحة الأكثر فتكاً. تذهب رواية حسّان زين الدين أبعد من الحكايات التي ترويها لتكشف عن الهاجس الذي انطلقت منه ولترسم مسار هذه الرحلة التي تتقاطع مع الدافع العميق إلى الكتابة والفنّ، بل مع الإبداع بصورة عامّة، بما هو اقتراب من المناطق المُعتمة، اللاواعية في النفس، وبما هو طَواف، في سرّ الذات والوجود، قد يخفّف من وطأة الواقع ومأساة الحياة اليوميّة وعواصفها التي لا تستكين                                                                              

مارلين كنعان

استاذة جامعية، باحثة وكاتبة صحافية

يقول الحلاج: "من لم يقف على إشاراتنا لن ترشده عباراتنا". تصحّ هذه العبارة في رواية حسّان زين الدين العرفانية الموسومة بـ"وادي المِسك" الصادرة حديثاً في بيروت عن دار "الأنام" للطباعة والنشر (2024). فهي مليئة بالإشارات التي تتفتح على رؤىً صوفية وفلسفية ترتبط بأحوال العارف الباحث عن ذاته والساعي وراء معنى الوجود على الصعيدين الفردي والكوني. أبطال هذه الرواية فراشات يافعات، ذكور وإناث، ويعاسيب ونمل ويراعات وغيرها من الكائنات الحية الإنسية والحيوانية من السائرين على طريق المجاهدة وترويض النفس، العاملين على تحرير الذات من علائق المادة وشهواتها وغيرها من الشواغل التي تعيق التقدّم نحو "القمم المرتفعة" و"اختراق حقيقة اللهب" تلبية لنداء النار الغامض بغية التماهي مع النور والحضور في "روح الكل" أو "الأنيما"، الإسم اللاتيني لصورة الروح الأنثوية لدى الرجل التي تحدث عنها كارل غوستاف يونغ، والتي تسعى الفراشة "زارا" نحوها بكل ما أوتيت من قوة. قراءة هذه الرواية ممتعة. لكن سبر أغوارها يحتاج إلى شحنة من الروحانيات والرؤى الفلسفية. دونها لن يسافر القارئ على أجنحة فراشاتها نحو أفق الإشارة ومعاينة الجمال في مسلك غايته بلوغ أسمى درجات المعرفة والتطلع إلى المكاشفات التي تتطلب العزلة والصمت وتخلية القلب وتحليته بلباب الفضائل والتقابل الذي يعكس الحقيقة. في شكل من أشكال الإسقاط، يختزل حسّان زين الدين في صورة الفراشات أحوال النفس الإنسانية التي يزخرفها بخطوط المجاز مستعيناً في سرديته بأقصى قدرات اللغة على التكثيف والاختزال. فيصور من خلال حوارات زارا المنتمية فصيلتها إلى وادي المسك مع اليعسوب دراغونيا والفراشات ليلى وريشا وسمندل ونورا وغلاسيا والهدهد وغيرها رؤيته للمصير والعالم، متجاوزاً شفافية العبارة بعمق الإشارة فاتحاً باب التأويل، مما يمنح روايته جمالية خاصة تجمع بين أناقة المبنى وعمق المعنى. ليست المرة الأولى التي أقرأ روايةً تعالج أحوال الروح والذات على لسان الطيور والفراشات والنمل وغيرها من الكائنات الحيّة. ولعل "منطق الطير" للشاعر الفارسي الكبير فريد الدين العطار والرحلة الطويلة التي قطعتها الطيور في بحثها عن ملكها المقيم في جبل قاف تشبه، بمعنىً ما، رحلة الفراشة زارا ورفيف أجنحتها التي تقطع التلال والأودية كي تصل إلى القمة، مُصغية فقط إلى صوت في داخلها يدعوها إلى البحث عن النور الذي لا يدنى منه والذي تودّ ملاصقته بكيانها؛ أو قصيدة إدموند سپنسر "قدر الفراشة" المنجذبة إلى رحيق الأزهار والضوء والنار والتي تُفهَم على أنها رمز إلى رحلة روح المتصوف وتلاشيها في الجمال الإلهي، كما في رحلة الفراشة إلى اللهب التي وصفها الشاعر العارف النقشبندي عبد الغني النابلسي في قصيدة من ديوان "الحقائق". يمكن القول إن رواية "وادي المسك" قد تسامت في موضوعها إلى مستوى آخر من الوعي في خضمّ خواء عالمنا المادي وأسئلته الكثيرة، ولعلّها تقدّم لنا كتابة تضبط الإيقاع الحقيقي للوجود وتعيدنا إلى تطلّعات الإنسان وهمومه الأساسية بلغة تمزج بين الخطاب القائم على المحادثة والمحاورة والمنفتح على معارج الروح السالكة سبيل الحقّ ومراتبه السامية

إحصل على نسخة ورقية

    الأماكن المتوفرة لشراء رواية وادي المسك

    image
    Vergin Megastore

    01 999 666

    image
    Carrefour Stores City Center

    01 283 666

    image
    Beirut International Airport

    01 628 000

    image
    ABC Dbayeh

    04 416 000

    image
    ABC Ashrafieh

    01 212 888

    image
    ABC Verdun

    01 791 777

    Contact Us