مارلين كنعان
استاذة الفلسفة والحضارات في جامعة البلمند، باحثة وكاتبة صحفيةعيسى مخلوف
شاعر وناقد أدبي وكاتب صحفيسامح الزهار
أكاديمي و باحث في التراث و مؤرخ و روائيعن الرواية
وادي المسكشكر وتقدير
عن الكاتب
حسان زين الدينأراء النقاد
عيسى مخلوف
شاعر وناقد أدبي
يتوقّف حسّان زين الدين، في روايته "وادي المِسك" (دار الأنام)، عند البحث عن الذات والصراع الدائم بين التمسّك بالفرديّة والانحلال في الكون، بين الحرّية والعبوديّة. العبوديّة التي تتّخذ أشكالاً جديدة لم تعرفها البشرية طوال ألوف السنين، وهي تُواكب التقدّم العلمي الهائل الذي تتغيّر معه، أكثر فأكثر، خريطة الحياة على الأرض. شخصيّات هذه الرواية المتّكئة على خلفية علمية وفلسفية هي فراشات ويراعات ويعاسيب، يتحرّك بينها شخصان كأنّهما عينُ الرواي التي تتأمّل في المصير والعالم. يستهلّ الكاتب روايته بالسؤال الآتي: "ما الشغف الذي يُحَرّك فراشة لتُلقي نفسها في أعماق النار المتّقدة؟" إنه التوق إلى "الالتحام بالنار على أمل خروجها بصحبة النور متجاوزةً حدّ الاحتراق باللهب". في هذا السياق، يتّضح مسعى الفراشة إلى استكشاف ذاتها من خلال التوجّه نحو القمم العالية تلبيةً لنداء غامض، لعلّ النور يوقظها فتصبح حاضرة في "روح الكلّ". أحالتني قراءة هذا الكتاب إلى طيور فريد الدين العطّار التي انطلقت هي أيضا في رحلة روحيّة طويلة صارت مرادفاً لوجودها. كانت تسافر بحثاً عن السيمورغ، وسرعان ما اكتشفت أنّه موجود في كلّ واحد منها. هكذا استدلّت الفراشات في الرواية على صوت يختلج في داخلها ويدعوها إلى تسليم جناحيها للريح والتمعُّن في أوراق الشجر لترى كيف ترتفع في الهواء. هذه الدعوة إلى التماهي مع الطبيعة لا تخلو من مجازفة، لكنّها المجازفة التي أشار إليها النفّري حين قال "إنّها جزءٌ من النجاة". البحث عن الذات الإنسانيّة هنا هو، على نحو ما، بحث عن المستحيل، لأنه يذهب أبعد من منطق الثنائيات ليُظهر لنا كيف تتّحد الفراشة بالمُطلَق بعد أن يحترق جناحاها وتصير عُصارةَ قلب ينبض فحسب، كإيكاروس الذي اقترب من الشمس وذابَ شمعُ جناحيه وَفقَ الأسطورة الإغريقيّة. تحيل الرحلة في عالم الفراشات إلى البشر وتطلّعاتهم وهمومهم، وإلى الخطر المحدّق في وجودهم بمقدار ما يزداد التقدّم العلمي والتكنولوجي، لأنّ المستفيد الأول من هذا التقدّم هو السلطة السياسية، وسلطة الحروب والأسلحة الأكثر فتكاً. تذهب رواية حسّان زين الدين أبعد من الحكايات التي ترويها لتكشف عن الهاجس الذي انطلقت منه ولترسم مسار هذه الرحلة التي تتقاطع مع الدافع العميق إلى الكتابة والفنّ، بل مع الإبداع بصورة عامّة، بما هو اقتراب من المناطق المُعتمة، اللاواعية في النفس، وبما هو طَواف، في سرّ الذات والوجود، قد يخفّف من وطأة الواقع ومأساة الحياة اليوميّة وعواصفها التي لا تستكين
مارلين كنعان
استاذة جامعية، باحثة وكاتبة صحافية
يقول الحلاج: "من لم يقف على إشاراتنا لن ترشده عباراتنا". تصحّ هذه العبارة في رواية حسّان زين الدين العرفانية الموسومة بـ"وادي المِسك" الصادرة حديثاً في بيروت عن دار "الأنام" للطباعة والنشر (2024). فهي مليئة بالإشارات التي تتفتح على رؤىً صوفية وفلسفية ترتبط بأحوال العارف الباحث عن ذاته والساعي وراء معنى الوجود على الصعيدين الفردي والكوني. أبطال هذه الرواية فراشات يافعات، ذكور وإناث، ويعاسيب ونمل ويراعات وغيرها من الكائنات الحية الإنسية والحيوانية من السائرين على طريق المجاهدة وترويض النفس، العاملين على تحرير الذات من علائق المادة وشهواتها وغيرها من الشواغل التي تعيق التقدّم نحو "القمم المرتفعة" و"اختراق حقيقة اللهب" تلبية لنداء النار الغامض بغية التماهي مع النور والحضور في "روح الكل" أو "الأنيما"، الإسم اللاتيني لصورة الروح الأنثوية لدى الرجل التي تحدث عنها كارل غوستاف يونغ، والتي تسعى الفراشة "زارا" نحوها بكل ما أوتيت من قوة. قراءة هذه الرواية ممتعة. لكن سبر أغوارها يحتاج إلى شحنة من الروحانيات والرؤى الفلسفية. دونها لن يسافر القارئ على أجنحة فراشاتها نحو أفق الإشارة ومعاينة الجمال في مسلك غايته بلوغ أسمى درجات المعرفة والتطلع إلى المكاشفات التي تتطلب العزلة والصمت وتخلية القلب وتحليته بلباب الفضائل والتقابل الذي يعكس الحقيقة. في شكل من أشكال الإسقاط، يختزل حسّان زين الدين في صورة الفراشات أحوال النفس الإنسانية التي يزخرفها بخطوط المجاز مستعيناً في سرديته بأقصى قدرات اللغة على التكثيف والاختزال. فيصور من خلال حوارات زارا المنتمية فصيلتها إلى وادي المسك مع اليعسوب دراغونيا والفراشات ليلى وريشا وسمندل ونورا وغلاسيا والهدهد وغيرها رؤيته للمصير والعالم، متجاوزاً شفافية العبارة بعمق الإشارة فاتحاً باب التأويل، مما يمنح روايته جمالية خاصة تجمع بين أناقة المبنى وعمق المعنى. ليست المرة الأولى التي أقرأ روايةً تعالج أحوال الروح والذات على لسان الطيور والفراشات والنمل وغيرها من الكائنات الحيّة. ولعل "منطق الطير" للشاعر الفارسي الكبير فريد الدين العطار والرحلة الطويلة التي قطعتها الطيور في بحثها عن ملكها المقيم في جبل قاف تشبه، بمعنىً ما، رحلة الفراشة زارا ورفيف أجنحتها التي تقطع التلال والأودية كي تصل إلى القمة، مُصغية فقط إلى صوت في داخلها يدعوها إلى البحث عن النور الذي لا يدنى منه والذي تودّ ملاصقته بكيانها؛ أو قصيدة إدموند سپنسر "قدر الفراشة" المنجذبة إلى رحيق الأزهار والضوء والنار والتي تُفهَم على أنها رمز إلى رحلة روح المتصوف وتلاشيها في الجمال الإلهي، كما في رحلة الفراشة إلى اللهب التي وصفها الشاعر العارف النقشبندي عبد الغني النابلسي في قصيدة من ديوان "الحقائق". يمكن القول إن رواية "وادي المسك" قد تسامت في موضوعها إلى مستوى آخر من الوعي في خضمّ خواء عالمنا المادي وأسئلته الكثيرة، ولعلّها تقدّم لنا كتابة تضبط الإيقاع الحقيقي للوجود وتعيدنا إلى تطلّعات الإنسان وهمومه الأساسية بلغة تمزج بين الخطاب القائم على المحادثة والمحاورة والمنفتح على معارج الروح السالكة سبيل الحقّ ومراتبه السامية
إحصل على نسخة ورقية
الأماكن المتوفرة لشراء رواية وادي المسك
Vergin Megastore
01 999 666
Carrefour Stores City Center
01 283 666
Beirut International Airport
01 628 000
ABC Dbayeh
04 416 000
ABC Ashrafieh
01 212 888
ABC Verdun
01 791 777